العائلة المسيحية هي أول كنيسة يتعلم فيها الأبناء مبادئهم
تعد العائلة من الناحية الدينية، أول كنيسة يتعلم فيها الأولاد
مبادئهم. لذلك تقع على الوالدين المسؤولية الأولى في غرس المفاهيم
المسيحية وتعليمه الكلمات الأساسية، ويمكن القول ان العائلة هي ( كنيسة
بيتية )، لذلك عليها أن تتصف بصفاتها وأهدافها كالرسالة، التعليم المسيحي،
الشهادة، الصلاة ..إلخ، وتمتاز العائلة بكونها تستطيع نقل الإنجيل وتأصيله
في أفرادها بواسطة مجموعة من القيم الإنسانية العميقة ومن خلال تنشئة
أولادها.
فحين يرزق الزوجان بطفل يمتلئان بالامال العريضة له،
ويخططان ما يشتريان له من الملابس والألعاب، وما سيحكيان له من القصص، وما
سيعلمانه من الأناشيد، وبعد الولادة بفترة قصيرة يبدأ الإستعداد للاحتفال
بعماذه، فتحضر الأم ملابس العماذ، وتهيئ العائلة نفسها، فتدعو الأعزاء
ويتم اختيار الأشبين كما يتم اختيار الأسم المناسب، بهذه الخطوات يدخل
الطفل إلى العائلة المسيحية الكبرى ويصبح أحد أفرادها.
ان معظم
العوائل تلتزم أطفالها في العماذ والتناول الأول الذي تعقبه فترة طويلة لا
تتخللها أية مناسبات دينية إلى أن يحين موعد الزواج الذي يطغي عليه الطابع
الاجتماعي أكثر من الديني، ولكن هل تقدم كل العوائل أطفالها للعماذ
والتناول بالمفهوم المسيحي العميق ؟ هل تستعد للعماذ والتناول الأول من
الناحية الدينية كما تستعد له من الناحية الاجتماعية ؟
كثيراً
ما نرى بين العماذ والتناول خالية من الإرشاد الديني، فالطفل بالكاد يعرف
كيف يرسم علامة الصليب، وله فكرة بسيطة عن الله والمسيح ومريم العذراء،
وغالباً ما يستخدمه ليحلف بهم فقط، وربما يعرف ان هناك عيدين الصغير
والكبير ( عيد الميلاد وعيد القيامة ). وهنالك بعض الأسر الأخرى التي
أهملت التوجيه الديني لأبنائها واكتفت بالأخلاق فقط.
التربية المسيحية
التربية
هي قبل كل شيء عطاء إنساني حر يقوم به الوالدان، انهما ينقلان معا
انسانيتهما البالغة إلى المولود الجديد الذي بدوره هو يعطيهما الجدّة
وطراوة الإنسانية اللتين يجلبهما معه إلى العالم.
تحت الحب
الزوجي تكتمل وتثرى بامتدادها إلى الأولاد بالتربية، وكل غنى كامن ومرتقب
يشكله الإنسان الذي يولد ويترعرع في الاسرة، يجب أن يحضن ويضطلع به، لئلا
يتدنى وينتقص بل على العكس من ذلك يتفتح في إنسانية دائمة النضوج، وان في
هذا أيضا لتبادلا دينامياً يلقى في أثنائه الأهل المربّون بدورهم تربية
إلى حد ما، وهم إذ يضطلعون بمهمة تعليم الإنسانية لاولادهم، فبسبب هؤلاء
يتدربون هم أنفسهم على تلك الإنسانية وهنا تظهر للعيان بنية الاسرة
العضوية.
ان الأهل هم المربون الأولون والرئيسون لأولادهم،
وينعمون أيضاً في هذا الحقل بكفاءة أساسية انهم مربون لانهم أهل، وهم
يتقاسمون رسالتهم التربوية مع أشخاص ومنظمات أخرى مثل الكنيسة والدولة.
أي
ان ذلك يجب أن يتم دوماً بتطبيق عادل لمبدأ التعاون، وعلى أساس هذا المبدأ
انه حق، لا بل واجب أن يرفد الأهل مع احترام الحد الجوهري، وغير الممكن
تعديه الذي تفرضه أولوية حقهم وامكاناتهم الحسية.
ان هنالك
مكانين مهمين للتربية المسيحية، العائلة ومدرسة التعليم المسيحي في
الكنيسة. ولكن التعليم المسيحي المعطى في العائلة لا يمكن تعويضه خاصة إذا
كانت الممارسات تتم في وسط إيجابي فتصبح قدوة البالغين جذابة للطفل. ان
الشهادة المسيحية التي يعطيها الوالدان للطفل تصلهم مشوبة بالحب والحنان
الوالدي، فيستطعون بذلك معرفة الله ومعرفة يسوع متجلياً في الأب والأم.
ان
هذه الخبرة المسيحية الأولى تطبع حياتهم كلها، كما ان التفتح الديني في
الطفولة في قلب العائلة له ميزة لا تستبدل، ولا يقتصر التعليم المسيحي في
العائلة على الوالدين بل يمكن أن يشارك به الاخوة الكبار والأجداد، أو
غيرهم في العائلة.
ان مهمة الوالدين والعائلة لا تنتهي في هذه
المرحلة بل تستمر إلى مرحلة النضوج في مواكبة تطورات الطفل النفسية،
والجسمية، والروحية في خلال مرحلة المراهقة والشباب حتى يصبح إنساناً
ناجحاً مسؤولاً عن نفسه.